وعد الحر دين
حينما تخبر أحدهم بأنك سوف تتشارك معه جميع اللحظات و جميع الأحوال ، تخبره بأنك له إن ضاق به الحال ، و إنك سوف تفتديه بروحك و المال ، و إن وجوده معك كل همٍ قد زال ، هنا أن تعده بأنك باقٍ له و لن يثنيك عن وعدك قيلٍ و قال.
ولهذا قيلت الحكمة المأثورة “وعد الحر دين” أي أن كلمته و الوعد الذى تلفظ به لسانه هو بمثابة دين يستوجب الوفاء به و ذلك شبيه بأن تقترض مبلغا من أحدهم بنية إعادته لذلك يجدر بك أن تعيده في الوقت الذي إتفقتم عليه . وكذلك فأنه هنا تم خصخصة الحر و ذلك لأنه يمتلك نفسه و ليس ملكاً لأحد بينما العبد و كما نعرف فإنه من لا يمتلك نفسه، و هو ملك لغيره لذا فإن الحر عار عليه ألا يفي بوعده حتى لو كلفه ذلك جل حياته.
و كثيراً كنّا ما نسمع من آباءنا و أجدادنا اذ قالوا: “الرجل يُربَط من لسانه” أي أن الكلمة التى يعد بها قد ربطته وألزمته حتى و لو لم يكتب بذلك عقداً و ميثاقا. و هنا نلاحظ بأن كلمة الرجل ترتبط بالوفاء بالوعد لذا فأن من يخلف وعده ليس برجل.
و هنا لا نقول بأن الوفاء يرتبط بالرجل فقط و لكن هي المقولات التي نسمعها فقط تصنف الرجل على أنه اذ لم يوفي الوعد فهو ليس بالرجل و هذا المعنى أُخذ من القرآن كذلك في قوله تعالى: “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما” (الأحزاب: 24،23) و هنا لم يقل الله عز و جل أن كل المؤمنين رجال، بل قال بعض منهم فقط أي أن صفة الرجولة لا يتصف بها إلا الذين تطابق أفعالهم أقوالهم و لا يخونون الوعود بل يوفون بها.
وعد الحر دين إجعلها دائماً أمام عينيك فلا تخُن الوعود و لا تكسر الكلم ، و أن قلت شيئاً أتممهُ بحذافيره و إلا لا تقل أبداً.
الكاتبة: أسماء الحوارية
@asma_hawarya