أصداء الأحداث: عادل المطيري: إيران وثورات البطالة في الشرق الاوسط
تعتبر منطقة الشرق الاوسط من أكثر أقاليم العالم تعرضاً للزلازل والبراكين السياسة ، فما زالت تداعيات احتلال العراق عام ٢٠٠٣ ، لم يتم استيعابها من دول المنطقة ، فهل يمكنها النجاة من مايحدث في ايران من هزات سياسية تكاد ان تتحول الي زلزال آخر أكثر خطورة من ماحدث في العراق ، وأقصد مخاطر انتقال للثوراة و تنامي الارهاب والاقتتال الداخلي .
هناك تصوُّرين لمايحدث في إيران وموقف الدول الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة الامريكية الداعمة للمظاهرات الايرانية .
التصوُّر الأول : لا اعتقد ان لا الغرب ولا الولايات المتحدة جاديين في دعم المتظاهريين الايرانيين ، فالتغيير السياسي في ايران يعني الإطاحة في حكم الملالي ، وانتهاء الحرب الطائفية الباردة في المنطقة والتي لطالما زعزعت وقسّمت العالم الاسلامي ، وهذا بالتأكيد ضد مصالح الغرب وحليفته اسرائيل ، ولذلك سيكتفى الأمريكيين والغربيين عموماً بالدعم الكلامي للشعب الايراني الغاضب على نظامه .
التصوُّر الثاني : يتصور ان الصراع المذهبي والطائفي بين دول الشرق الاوسط قد أعطى أُكُلَه ، ولن يفيد في المستقبل القريب ، فلقد تم تجزأت مكونات المجتمع على الأسس الطائفية وانتهى الأمر .
فلا حاجة لإيران الملالي لتدعم شيعة المنطقة ، فروسيا تقوم بحماية المكوّن الشيعي في سوريا ، والولايات المتحدة تحمي وتدعم المكوّن الشيعي في العراق .
ولذلك يجب إيجاد عامل آخر غير ” الطائفية المذهبية ” ليفتت مابقي من دول المنطقة ، ويعتقد اصحاب هذا الرأى ان لا أفضل من العامل الأثني ” العرقي” ، لتفتيت ايران الى عرقيات – عرب ، فرس ، كُرد – وخصوصاً ان الدولة الكردية في العراق لن تتمتع بإستقلالها إلا بزعزعة ايران لفك الحصار عنها .
وهناك اهمية أخرى بالموضوع ، وهي إسقاط كل المرجعيات الدينية في المنطقة إذاناً بالعلمانية القادمة بقوة الى الشرق الاوسط .
يبدوا ان بعض دول المنطقة تعطي المبررات لشعوبها بأن تثورعليها ، فبالرغم من الموارد الاقتصادية التي تتمتع بها تلك الدول إلا ان فساد أنظمتها السياسية ودعمها الخارجي السخي دون مبررات مفهومة او مقبولة من الشعوب يجعل الأخيرة تسخط عليها .
ربما هناك عامل مشترك بين كل الدول التي تجتاحها الاحتجاجات في منطقة الشرق الاوسط ، بدءاً من دول الربيع العربي 2011 وحتى ثورة الجياع الحالية في ايران وهي ارتفاع نسبة ” البطالة ” .
ان البطالة هي مفجرة الثورات الشعبية ، وهي التيرموميتر الذي من خلاله يمكننا قياس قدرة الأنظمة السياسية على البقاء ، وكذلك قياس قُرب إندلاع الإحتجاجات الشعبية العنيفة “الثورات الشعوب ” ، فلا الحريات ولا الحقوق السياسية تشكّل عاملاً حاسماً في ظاهرة ثورات الشرق الاوسط بل الاقتصاد !!
ففي ايران ارتفعت نسبة البطالة لتبلغ 12.4% حسب المركز الإحصائي الإيراني ، بينما تقدرها جهات مستقلة بحوالي 14.6% ، أما نسبة البطالة بين الشباب حديثي التخرج فتقدر بحوالي 40% ، وفي ظل مجتمع يشكل الشباب دون الـ24 عامًا، أكثر من نصف سكانه 37 مليونًا من أصل 62 مليونًا (حسب إحصاءات عام 2010 ) ، فإن المجتمع الايراني قابل للإنفجار !!
ختاماً – لا يمكننا عند دراسة الظواهر الاجتماعية عموماً والسياسية بشكل بشكل خاص ، ان نحدد عامل واحد وراء حدوثها ، ولكن يمكن التحديد العامل الحاسم فيها في حدوثها .
ولذلك يمكننا ان نجزم بأن البطالة هي العامل الحاسم في إحداث الثورات الشعبية في الشرق الاوسط ، فمعدلات البطالة العالية وارتفاعها السنوي تواكب مع حدوث الاحتجاجات الشعبية .
في الدول ذات الطبيعة الديمقراطية كالدول الغربية لايمكن تفسير ارتفاع البطالة كمفجرة للثورات أو الاحتجاجات ، لأن الشعب هناك يشارك بفعالية في صياغة السياسة العامة ، ويمكنه تحويل الاحتجاج عليها ، بطريقة ديمقراطية وهي تغير الحزب الحاكم مثلاً عن طريق انتخابات مبكرة .
ملاحظة – الدول العربية ذات التداول المحدود للسلطة والتي تتمتع بتحسن في مجال احترام حقوق الانسان وحرية الراي ، وبالرغم من تعرضها لإحتجاجات شعبية محدودة الا انها لم تشكل تهديد جدي للنظام والمجتمع .