استفتاء الاقليم الكردي في العراق ضجة سياسية واعلامية وربما ضجيج عسكري قريباً ، ولكن لماذا كل هذا الضجيج ؟!
لأن الأكراد أكبر شعب بلا دولة ، حيث يقدر تعدادهم بحوالي 25-30 مليون نسمة في العالم ، يعيش جزء كبير منهم في تركيا وايران ولذلك يخشون من انفصال كردستان العراقية أن يشجعهم أكرادهم بالإنفصال ايضاً وتكوين دولتهم الخاصة أو يتضموا للدولة الكردية الوليدة في العراق ، ولذلك لن يسمحوا بإستقلال كردستان .
الأكراد لم يتمتعوا بالحكم الذاتي المستقل إلا بالعراق منذ بداية التسعينيات وبدجات متفاوتة بالاستقلالية ، أما في بقية الدول ( تركيا – ايران – سوريا ) ، فلا يعترف حتى باللغة الكردية كلغة رسمية اخرى في بلادهم ولم يتمتع الأكراذ بأي امتيازات سياسية خاصة ، بالرغم من محاولة اكراد سوريا مؤخراً ، اقتناص فرصة الحرب الاهلية وتنظيم انتخابات بلدية وتشريعية في فيدرالية كردية، اعلنوا عام 2016 إنشاءها ودون الرجوع لأحد .
من الواضح أن تصريحات وزراء خارجية الطوق الكردي ، العراق وتركيا وايران في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس قبل الماضي ، والذين عبروا فيه ، عن رفضهم للإستفتاء ووصفوه بالعمل غير الدستوري ، واتفقت الدول الثلاثة على تنسيق اجراءات مضادة مشتركة ضد استقلال الأكراد ، مما يتوقع إنفجار صراعات لا يمكن إحتواءها في المنطقة .
بالرغم ان حق تقرير المصير هو مبدأ اساسي في القانون الدولي ؟! إلا ان التصريحات الرسمية العلنية لكل دول العالم ماعدا ” اسرائيل “كانت ضد إستقلال الأكراد ، حتى مجلس الأمن الدولي ، في ظل الظروف الأمنية الحالية في العراق ، رفض اجراء الاستفتاء وأصدر قراراً بذلك ، وبالتالي لن يعترف بنتائجة .
وهذا يثير تساءلات عديدة هل استقلال الأكراد حق تقرير او ابتزاز سياسي او عملية تفاوض ، الأكيد أن نتيجة الإستفتاء الواقعية هي ولادة دولة كردية ميتة لأنها في بيئة محيطة بها و رافضة لها .
بدأت الشحن الاعلامي الرسمي والشعبي بين بغداد والشيعة من جهة وبين الأكراد من جهة اخرى ، بعد سنوات من التحالف بدء منذ اول انتخابات برلمانية بعد الغزو الامريكي للعراق ، حين فضّل الاكراد وممثليهم في البرلمان الإتلاف الوطني بقيادة دولة القانون والمالكي لرئاسة الحكومة بدلاً من اياد علاوي مرشح القائمة العراقية ، واللذي تصادف الآن بإن “علاوي” هو من يقود مبادرة سياسية لحل أزمة انفصال إقليم كردستان ، و يقال أنها لاقت استحسان من طرف الأكراد وزعيهم ” مسعود برزاني ” ، ومفادة تلك المبادرة هو تجميد الإنفصال او استقلال كردستان ، مقابل بدء مفاوضات جادة بين بغداد واربيل ، لحل المشاكل المزمنة والعالقة بين الطرفين.
ربما تنهي ” مبادرة علاوي ” أربعة عشر عامًا من الخلافات بين بغداد وإربيل على أمور عدة منها – تهميش أسس الفيدرالية وعدم التوزيع العادلة للموارد والإيرادات الاتحادية ، وعدم ترسيم حدود إقليم كردستان ، والفصل في المناطق المتنازع عليها وفقاً ” للمادة 140″ .
بالرغم من المعارضة العلنية لإستغلال كردستان من قبل الولايات المتحدة إلا أنها لن تسمح بمحاصرتها إذ ما استمرت في إجراءات الإنفصال ، فالأكراد عموماً في العراق وسوريا خصوصاً هم الحلفاء الأكثر مصداقية وفائدة لها .
من الواضح ان المشهد الاستراتيجي الكبير في الشرق الأوسط يتجه نحو تشكيل خريطة جديدة من كيانات أثنية وطائفية يتم تحويلها الي دول ، ومنها الدولة الكردية المعزولة والمنبوذة ليستمر الصراع بين دول المنطقة ويستمر اعتمادها على الغرب لتأمين حاجاته ومنها حاجة الأمن .
وربما كلمة الجنرال ميشيل عون الرئيس اللبناني في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ 72 ، والتي قصد بها الوضع في سوريا ، ولكنها تنطبق ايضاً على العراق وكل الدول وهي ان ” تقسيم الدول طائفيا أو إثنيا لن يحل المشاكل بل يزيد التطرف والحروب ” .
الخلاصة – لاتقف الدول ضد إستقلال الأكراد بل حتى الجغرافيا تظلمهم ، فلا منفذ لهم يتواصلون به مع العالم ، حيث تطوّقهم دول لم ولن تسمح لهم بالإستقلال ، ولكن الأكيد ان الاستفتاء سيُحسن موقف أربيل التفاوضي مع بغداد ،،، ليتحول الهدف من استفتاء الإستقلال الى إستغلال الاستفتاء
عادل عبدالله المطيري
@almutairiadel