يتعرض العالم ككل لتهديدات أمنية جديدة غير تقليدية كالارهاب والمخدرات والطائفية بالمعنى العرقي والديني والجريمة المنظمة والجرائم الالكترونية ، ودول الخليج العربي ليست بمعزل عن العالم ، بل ربما تعُج منطقتنا ببعض من هذه التهديدات غير التقليدية ، وأبرزها التهديدان التوأمان ” الإرهاب والطائفية السياسية ” والذي لايمكننا علاج أحدهما دون الآخر ، فداعش اوجدت الحشد الشعبي ، وداعش بالأصل نتيجة سياسات المالكي الطائفية نحو مدن السُنة في العراق وساكينيها ، وهكذا ، تفجيرات مسجد الصادق في الكويت هو مثال لإختلاط الطائفية بالإرهاب ، وايضاً بعض ردود الفعل عليه كانت طائفية بإمتياز ..
مانقصد بمفهوم الطائفية السياسية بالتحديد ، هي عملية تُسيّس لأنماط الهوية العرقية والدينية ، من أجل توظيف الدين من منطلق طائفي لأغراض سياسية مصّلحية، وهو نمط من التحيّزات السياسية ولكنه بغطاء مذهبي أو ديني، يتمترس خلفها البعض لتحقيق أجندته الخاصة، ويلجأ لها الكثير من الفاشلين سياسياً في بناء الدولة المدنية لتغطية فشلهم باستدعاء عصبية الطائفة أو القبيلة أو المذهب .
نحن لا نتكلم عن الطائفة او العرق او القبيلة بحد ذاتها فهي موجودة مع وجود المجتمع ، ولكن الوعى بها والعمل وفقها هو المقصود تحديداً بمفهوم الطائفية السياسية .
وبإستخدام لغة الفيلسوف بينيديكت أندرسون عن القومية وكتابه الجماعات المتخيّلة يمكننا القول أن “الطائفة او المذهب هو حقيقة موضوعية موجودة بغض النظر عن وعى الفرد او المجتمع فيها ، ولكن متى ما تتعامل الأفراد او المجتمع في إطار المذهب او الطائفة فإننا أما وعى ذاتي ” .
إذن الوعي الموضوعي هو ان هناك مواطنين من الطائفة الشيعية ، أمام الوعى الذاتي فهو التعامل وفق منظور طائفي ذو أبعاد سياسية ومصالح مختلفة .
ويمكننا ايضاً ان نسقط الفكرة على كل الطوائف و الجماعات الاخرى كالقبلية والمذهبية و العائلية أيضاً .
حتماً – ان تطييف العمل السياسي يتعارض مع العمل الوطني وينقصه ، لإنه يحوّل الاهتمام من المصلحة الوطنية الي مصلحة الطائفة ، والتي في حقيقتها مصلحة لأشخاص معيّنيين هو قادة العمل الطائفي والتي تستفيد منه على حساب الطائفة او القبلية …
ختاماً – الطائفية السياسية دمرت الحياة السياسية في لبنان ، والآن تدمر العراق وتجره نحو الهاوية ، ففي العراق وبعد القضاء على مايسمى ” داعش ” يتوقع ان يتحوّل الصراع الطائفي بالمعنى الديني والعرقي داخل المكون الشيعي العراق ، ” كالصراع بين المالكي والعبادي والصدر ” .
الخلاصة – الطائفية السياسية هي من أخطر التهديدات المدمرة للدول
وتنافس شقيقها التوأم الإرهاب ، وعلى دولنا الخليجية اليقظة والتعامل معها بحساسية شديدة حَتْىّ لا تستغل اجراءات الحكومات في زيادتها لا مكافحتها .
نصيحتي هي – المزيد من المساواة بين المواطنين والمزيد من الديمقراطية سيفشلان الطائفية السياسية ويحدان من تحركاتها .
عادل عبدالله المطيري
@almutairiadel