الإثنين , 29 مايو 2023

أصداء الأحداث: عادل المطيري: مبدأ ترمب ،، والصراع الاقليمي

رفض الرئيس الامريكي ترمب اعطاء الكونغرس مصادقتة الدورية ” كل 90 يوم” على الاتفاق النووي الايراني ، بل وذهب الى أبعد من ذلك – بإعلان استراتيجيته الجديدة للتعامل مع ايران ، والتي يحاول عن طريقها فرض الإرادة الامريكية المنفردة على المجتمع الدولي وخصوصاً دول منطقة الخليج العربي بما فيها الجمهورية الايرانية .

الرفض الأمريكي للاتفاقية النووية الايرانية سواء بإعلان الإنسحاب منها او تجميد العمل فيها ، لن يؤثر على الإتفاقية من ناحية قانونية ، فهي ليست إتفاقاً ثنائياً ، بل اتفاق دولي بين ايران والمجتمع الدولي وتم اصداره بقرار مجلس الأمن رقم 2231 بتاريخ 20 يوليو 2015 ، وإلغاء الاتفاقية يتطلب قرار آخر من مجلس الأمن ينص على ذلك ، او اعلاناً إيراناً وهي البلد المعني مباشرةً بالإتفاقية بأنهاء العمل بالإتفاق النووي، وأحد هذان الأمرين لم يحدث الي الآن .

ملاحظة مهمة – ترمب لم يطلب من الكونغرس إلغاء الإتفاق النووي مع إيران بل طلب منهم إضافة بعض الشروط منها تجميد التجارب الصاروخية البالستية وأن توقف ايران دعمها للإرهاب وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة.
وبالمقابل تعتقد ايران ان من حقها تطوير قدراتها الصاروخية وترفض اتهامها بالتدخل في شؤون الدول الآخرى ودعمها للإرهاب .

تبدوا خيارات ادارة ترمب محدودة أمام الموقف الاوربي خارجياً وموقف الديمقراطيين بالكونغرس داخلياً ، وكلاهما لا يؤيد إلغاء الإتفاق النووي
لأنه سيشعل الصراع بالمنطقة ويكسر الجمود بالمشروع النووي الايراني ، كما أنه يضر بمبدا المصداقية في العلاقات الدولية وخصوصاً احترام الاتفاقيات الدولية .

ومن الخيارات الامريكية المطروحة للتعامل مع ايران ، فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية وخاصةً على الحرس الثوري الايراني ككل وليس فيلق القدس كما كان قبل رفع العقوبات الدولية على ايران ، وبالرغم من تهديد االمرشد الايراني بـ ” تمزيق الإتفاق ” اذا تراجعت الولايات المتحده عنه ، إلا ان فرض العقوبات الامريكية لا يعني التراجع عن الإتفاق ، ولا يعني ايضاً تصنيف الحرس الثوري الايراني كمنظمة ارهابية بالمعنى السياسي الصريح تجنباً لاستفزاز ايران ولعدم واقعيته ، فالتصنيف يستلزم عدم التعامل معه من قبل الحلفاء وهذا الشئ صعب جداً فالحكومة العراقية تتعامل مع الحرس الثوري وايضاً كردستان العراق بل حَتْىّ الاتراك مؤخراً بدأوا يتعاونون معه في معالجة المسألة الكردية المشتركة .

أما الخيارات الايرانية في التعامل مع استراتيجية ترمب وضغوطه بالملف النووي ، فتتلخص بإحدى الاستجابات التالية :
استمرار تجاربها الصاروخية البالستية وتدخلاتهم في شؤون دول المنطقة لتعزيز نفوذها ، ولو أدى ذلك الى تجميد الاتفاق من جهة الولايات المتحدة وفرض عقوبات أحادية الجانب ، فقي نهاية الأمر ، الإتفاق قائم وملزم للمجتمع الدولي وغير ذلك يحتاج الي قرار جديد يصعب استصداره نظراً للفيتو المتوقع من الصين وروسيا ، وأما العقوبات الامريكية فلن تأثر كثيرا، فسبق ان تعاملت ايران مع حظر دولي وليس امريكي واستوعبته لسنوات عديدة ، كما ان تعاملات ايران الاقتصادية مع امريكا محدودة جداً ولها بدائل كثيرة .
اما الخيار الآخر – فيتمثل في خروج ايران من الاتفاقية وتطوير اسلحتها النووية والبالستية ، وربما التصادم وليس التدخل في شؤون دول المنطقة والحليفة للولايات المتحدة ، وهذا الخيار غير عقلاني ومستبعد نوعاً ما .
ويبقي الخيار الأكثر واقعية ، وهو الدخول في مفاوضات لتعديل الإتفاق ليشمل حظر التجارب الصاروخية البالستية ، وبالتأكيد لن يشمل عدم التدخل في شئون الدول او دعم ايران للإرهاب فهذه القضايا ينص عليها القانون الدولي أصلاً .

من الواضح أن هناك تغير جذري في سياسة الولايات المتحدة بالتعامل مع قضايا الشرق الاوسط ومنطقة الخليج العربي بالتحديد ، ستنقلنا من ثأثيرات استراتيجية التساهل لأوباما الى آثار استراتيجية التصادم لترمب .

ختاماً – رائعة هي استراتيجية ترمب بالنسبة لأغلب الحلفاء الاقليميين اللذين سارعوا الى إعلان تأييدهم لها – ولكنهم للاسف لم يفكروا بالسؤال الأهم وهو من سيطبق تلك الاستراتيجية من سيواجهة ايران ؟!
واعتقد اننا في الخليج سنكون حجر الشطرنج المتحرك في استراتيجية ترمب ، بالرغم ان الولايات المتحدة بإمكانها ان تباشر الجزء الاكبر منها سواء العقوبات الاقتصادية او اذا استدعى الأمر بعض الضربات الجوية !

عادل عبدالله المطيري

شاهد أيضاً

أصداء الأحداث: عادل المطيري: العراق: حكومة جديدة وتحديات كبيرة

أصداء الأحداث: عادل المطيري: لا حرب في الخليج

عنونت العديد من الجرائد الخليجية والعالمية صدر صفحاتها بعنوانين من قبيل «طبول الحرب تقرع في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *