أصداء الأحداث.. عادل المطيري يكتب: وغضّ الطرف أنك من خليجٌ
مازال بعض الخليجيين لاينزلوا الدول منازلها ، سواء كانت تلك الدول شقيقة لهم وشريكة معهم في مجلس التعاون او تلك الدول الاعداء او ما يراد ان يطلق عليها تلك الصّفة عمداً .
اصبحت ” الأنا ” عند بعض الخليجيين متضخمة جداً ، لدرجة اعتقادهم ان بإمكانهم تسير امور العالم كيفما يشاءون ، بالأموال تارة وبالإعلام تارة اخرى ، لكننا في الواقع وبحسب ماجرت عليه الامور وبكل وضوح في الأشهر الاخيرة ، بأننا أضعنا أموالنا ولم نحقق شئ من اهدافنا ، حتى حليفنا المخلص او المُخلّص ” ترمب ” يتحدث عن شئ ويفعل شئ آخر في ما يخص شئوننا الخليجية .
منذ اشهر قليلة شنّ ترمب حرب كلامية على تركيا بسبب قضية القس أندرو برونسون ، وفرض بعض العقوبات الشكلية ، فهلل وكبّر بعض الخليجيين ، ولكن ماذا بعد ذلك ؟ استدار ترمب الى تركيا وأثنى عليها و سيقابل رئيسها أوردوغان قريباً ، يبدوا ان الاخير نجح بإعادة علاقاته بامريكا بدون تكلفة او تنازلات ، كما انه حقق أهدافه بمنع الاكراد ” حلفاء واشنطن ” من السيطرة علي شمال سوريا بأكمله ، بل يُعدّ الانسحاب الامريكي الاخيرة من سوريا بمثابة التأكيد على ان تركيا هي اللاعب الاساسي في سوريا باعتراف الامريكان والروس معاً ، وحتى الثوار السوريين يرون ان الاتراك هم الداعمين الفعليين لهم ، بعد فشل بعض الخليجيين في دعمهم وعودتهم الى بشار تحت حجج واهية .
هذا بالنسبة للأتراك ، ماذا عن الايرانيين ؟! الحقيقة المُرّه ان الايرانيين رغم حربهم الطويلة مع صدام ، بقي نظامهم ورحل صدام وورثوا بلده، وبالرغم من تأثروهم اقتصادياً من طول الحرب العراقية الايرانية ، والحصار اللذي فرض عليهم بسبب برنامجهم النووي ، وبالرغم ايضاً من انهيار عملتهم مع تهديدات ترمب الاخيرة بحصارهم من جديد ، مازالت المؤشرات الاقتصادية الايرانية معقولة ، فالناتج القومي الايراني بلغ ٤٠٠ مليار دولار بالرغم من انخفاض الصادرات النفطية الايرانية البالغة ١.٣مليرن برميل في اليوم بسبب الحصار وتهالك البنية التحتية الايرانية ، مقارنة بناتج محلي يقدر بـ ١.٤ تريليون دولار لدول مجلس التعاون مع كل ما تنتجه من البترول والغاز والبالغ ١٧ مليون برميل في اليوم ، ومع كل مشاريع التنمية الخليجية ذات الاسماء الرنانة !! ومن ناحية اخرى – تملك ايران مشروع نووي ، وجيش وطني كبير بقدرة صاروخية عالية وتفوق بالسلاح البحري مقارنة بالخليجيين اللذين يعتمدون على الولايات المتحدة الامريكية بتوفير أمنهم .
ايضا – ايران تتمتع بنفوذ سياسي كبير في محيطها وحلفاء محليين أوفياء لها ، يعتمدون عليها وتعتمد عليهم ، ناهيك عن الحليف الدولي المتمثل في روسيا .
بينما نحن الخليجيين فقدتا نفوذنا وأوقفنا دعمنا لمن يستحق من خلفائها بحجة الارهاب ، بل فقدنا أنفسنا ، وأصبحنا اعداء لبعضنا ، وبذلك ازداد منافسينا قوة وازددنا ضعفاً ، هذه الحقيقة المُره اللتي نخفيها عن شعوبنا . ختاماً – أننا ننعت تركيا بالعلمانية ونلحق بها، تحت مسميات عديدة كعملية الإنفتاح والبُعد عن التشدد الديني ، وننعت الايرانيين بالملالي ، في حين نزعم بأننا انظمة إسلامية ، وبذلك لا نحن بلغنا الديمقراطية كالاتراك ولا توشحنا الاسلام السني كما يتوشح الايرانيين الاسلامي الشيعي.
فأصبح حالنا كحال الشاعر الراعي النميري بعد ان هجاءه جرير قائلاً: وغض الطرف انك من نمير ::: فلا كعباً بلغت ولا كلابا ولو هجنا جرير لقال : وغضّ الطرف أنك من خليجٌ .. فلا ايران بلغت وتركيا !!
ملاحظة : حديثي عن تلك الدول لا يعني تأييدي لسياساتهم او انظمتهم السياسية ، بل مجرد مقارنة بيننا وبينهم ، لنتعرف على إمكانيات وقدراتهم مقابل ما نحنُ عليه كخليجيينش