“أمكنة إسماعيل”.. تمثيلية إذاعية!

“أمكنة إسماعيل”.. تمثيلية إذاعية!

قدمت فرقة المسرح العربي مساء أمس على خشبة مسرح الدسمة عرضها المسرحي «أمكنة اسماعيل» وذلك ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الكويت المسرحي الثامن عشر.

يجسد النص لأول مرة على الخشبة وهو فلسفي ذهني من تأليف العراقي هوشنك وزيري وإخراج أحمد فؤاد الشطي، وتمثيل أحمد الحليل وطالب الشحري وليالي واسامة ناصر ومصطفى ناصر ومحمد المهنا، وتصدى لتصميم ديكوره احمد كرم وموسيقى يوسف الحشاش وتصميم الإضاءة فهد الفلاح.

سلط العرض الضوء على الخيط الرفيع الفاصل ما بين العقل والجنون، وما بين الحقيقة والوهم، من خلال الشخصية المحورية «إسماعيل»، ذلك الإنسان الذي لبس قناع الجنون والوهم، فهو يدرك أنه واع تماما لما ألم به، حيث كان معتقلا سياسيا تعرض لكل أدوات التعذيب والعنف، وكي يهرب من جحيم المعتقل، لجأ إلى حيلة ادعاء جنونه ويواصل تمثيل هذا الدور، ويبقي على قناع الجنون، وتنطلق الاحداث بعد عودة إسماعيل إلى مستشفى الأمراض النفسية، الذي خرج منه لأنه سليم عقليا، لكنه يعاود تمثيله للجنون ويدعيه، ليلتقي الطبيب وابنته الممرضة مجددا، إذ ينتابه خوف شديد من الأجواء الخارجية، والحرب العنيفة التي لم تتوقف، بيد أن الطبيب يكشف النقاب عن تظاهره بالجنون، ويذكره بسبب تواجده منذ 15 عاما في المستشفى بعد أن رموه كجثة هامدة أمام المدخل.

ما شاهدناه على خشبة المسرح اصاب الكثير من الحضور بالملل والتأفف وذلك للحوارات الطويلة بين اسماعيل والطبيب، فتحول العرض من بصري الى سمعي، وكأنه تمثيلية اذاعية لأبعد الحدود، فلا يوجد تنوع او تلوين بالحوارات، وانما كانت الحوارات سردية وهذا الامر جعل المتلقي في حيرة مع نفسه ويسأل، اين رؤية المخرج في هذا العرض؟ واين تفكيكه لهذا النص الثقيل في حواراته التي أتعبت بطله الحقيقي الفنان احمد الحليل بشكل لا يوصف ومحسوس لدى المتلقي؟!

كانت الرؤية الاخراجية سطحية نوعا ما رغم الديكور الجميل الذي صممه احمد كرم والإضاءة الاجمل التي صممها فهد الفلاح ولكن للاسف الشديد هذان العنصران لم يستغلهما المخرج في جذب المتلقي لعرضه، ناهيك عن الاداء التمثيلي الباهت لبعض المشاركين في هذا العرض باستثناء احمد الحليل وطالب الشحري ونوعا ما الممثلة ليالي.

مثل هذه العروض الذهنية بحاجة الى تفكير عميق وتفكيك لنصوصها لتقديمها في المهرجانات المسرحية حتى لا تكون مملة لكي يستفيد منها المتلقي ويستفيد المشاركون فيها ايضا.

الشطي في رده على المعقبين بالندوة التطبيقية: هناك ملاحظات جميلة وأخرى «فرد عضلات» !

بعد العرض المسرحي لمسرحية «أمكنة اسماعيل» التابعة لفرقة المسرح العربي، اقيمت الندوة التطبيقية وحضرها كل من مخرج المسرحية أحمد الشطي والمؤلف هوشنك وزيري والمعقب د.عمر نقرش، فيما ادار الندوة الإماراتي حسن رجب.

وكانت البداية مع د. نقرش الذي قال: تناولت المسرحية موضوعا خطيرا وهو لغة الجنون، وفرض العرض نفسه من ناحية الثنائيات المعرفية، فهو يدعو الى الدهشة، مشيرا الى ان الجنون له عقل يتحكم به ويتحكم عليه. واضاف: استطاع المؤلف ان ينسج بين ثنائية العقل والجنون، فشاهدنا مشهدا خارج المستشفى اثار حالة من الجوع والحروب، والنهاية تنتهي بالانتحار في النص الاصلي.

وحول السينوغرافيا، اشاد نقرش بازياء اسماعيل العاقلة وازياء الطبيب، مستغربا ملابس الممرضة القريبة من ازياء الخادمة، وقال ان الموسيقى لم تسعف العرض كثيرا، ولم تكن حاضرة، مختتما بان العرض يستحق قراءة اكثر من هذه.

وتوالت المداخلات المعقبة على العرض، وقال د.سيد علي اسماعيل: الفكرة ليست جديدة، فلقد عولجت في السينما من خلال فيلم «اسماعيل ياسين في مستشفى المجانين»، مشيدا بالدور الذي قدمه احمد الحليل. بينما شن الناقد علاء الجابر هجوما على المسرح العربي، عندما وصفه بالعرض الممل، من ناحية الايقاع البطيء، مؤكدا ان هذا العرض مونودرامي كامل.

بدوره قال الفنان الاردني علي عليان ان العرض يحتاج الى «دراماتور»، لكي يدخل للبعد النفسي، لافتا الى ان الشطي قدم العرض بأمانة شديدة وحافظ فيه على السياق العام للشخصيات. اما د. جمال حماد فابدى اعجابه بالنص الجميل، مشيدا بالاداء الرائع للممثلين، متمنيا ان يكون هناك اهتمام بقواعد التشكيل اللغوي والذي سبب قصورا بالنص.

ثم جاء دور المؤلف هوشنك وزيري الذي شكر المجلس الوطني وادارة المسرح والقائمين عليه، والذين وصفهم بخلية نحل، كما قال انه سعيد وفخور لوجوده على خشبة مسرح الكويت.

ليأتي مسك الختام مع مخرج العمل احمد الشطي والذي تمنى لعبدالمجيد قاسم الشفاء العاجل، كما اثنى على جهود المجلس الوطني في اصرارهم وتحديهم لاستمرار المهرجان. وحول المعقبين قال الشطي: هناك ملاحظات قيمة وجميلة وسنأخذها بعين الاعتبار، وهناك ملاحظات فرد عضلات وهذه ليست مقبولة، مؤكدا على ان الندوة التطبيقية من اهدافها التدارس واثراء التجربة وليس هدفها فرد عضلات، واكمل: البعض تطرق للعرض ولم يقرأ النص.