السعودية تطلق «نيوم» العابر للحدود… بنصف تريليون دولار
أطلق ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مشروع «نيوم» حيث سيتم دعمه بأكثر من 500 مليار دولار خلال الأعوام المقبلة من قبل صندوق الاستثمارات العامة، بالإضافة إلى مستثمرين محليين وعالميين.
ويأتي هذا المشروع في إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030، بتحول المملكة إلى نموذجٍ عالمي رائد، في مختلف جوانب الحياة، من خلال التركيز على استجلاب سلاسل القيمة في الصناعات والتقنية داخل المشروع.
وعيّن الأمير محمد بن سلمان، كلاوس كلينفيلد، في منصب الرئيس التنفيذي للمشروع الذي سيتم الانتهاء من المرحلة الأولى منه في 2025، إذ تم البدء بتأسيس بعض ركائز البنى التحتية الرئيسة.
وقال بن سلمان، إن منطقة «نيوم» ستركز على 9 قطاعات استثمارية متخصصة تستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية، وهي مستقبل الطاقة والمياه، التنقل، التقنيات الحيوية، الغذاء، العلوم التقنية والرقمية، التصنيع المتطور، الإعلام والإنتاج الإعلامي، الترفيه والمعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لبقية القطاعات، وذلك بهدف تحفيز النمو والتنوع الاقتصادي، وتمكين عمليات التصنيع، وابتكار وتحريك الصناعة المحلية على مستوى عالمي.
وذكر أن كل ذلك سيؤدي إلى خلق فرص عمل والمساهمة في زيادة إجمالي الناتج المحلي للمملكة، إذ سيعمل «نيوم» على جذب الاستثمارات الخاصة والشراكات الحكومية.
وتمتاز منطقة المشروع بخصائص مهمة، أبرزها الموقع الإستراتيجي الذي يتيح لها أن تكون نقطة التقاء تجمع أفضل ما في المنطقة العربية، آسيا، إفريقيا، أوروبا وأميركا، إذ تقع شمال غرب المملكة، على مساحة 26500 كم2، وتطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كم، ويحيط بها من الشرق جبال بارتفاع 2500 متر. يضاف إلى ذلك النسيم العليل الذي يساهم في اعتدال درجات الحرارة فيها، كما ستتيح الشمس والرياح لمنطقة المشروع الاعتماد الكامل على الطاقة البديلة.
ومن الأساسات التي يقوم عليها «نيوم» إطلالته على ساحل البحر الأحمر، الذي يعد الشريان الاقتصادي الأبرز، والذي تمرُّ عبره قرابة 10 في المئة من حركة التجارة العالمية، بالإضافة إلى أن الموقع يعد محوراً يربط القارات الثلاث، آسيا وأوروبا وإفريقيا، إذ يمكن لـ 70 في المئة من سكان العالم الوصول للموقع خلال 8 ساعات كحد أقصى، وهذا ما يتيح إمكانية جمع أفضل ما تزخر به مناطق العالم الرئيسة على صعيد المعرفة، التقنية، الأبحاث، التعليم، المعيشة والعمل.
كما سيكون الموقع المدخل الرئيسي لجسر الملك سلمان، الذي سيربط بين آسيا وإفريقيا، ما يعزز من مكانته وأهميته الاقتصادية، وسيشتمل المشروع على أراضٍ داخل الحدود المصرية والأردنية، حيث سيكون أول منطقة خاصة ممتدة بين 3 دول.
وأوضح أن عنصر التمويل والقدرة المالية هو أحد أهم مقومات المشروع الذي سيعتمد على الاقتصاد السعودي بشكل رئيسي، ويقف خلفه صندوق الاستثمارات العامة، والذي تحول أخيراً إلى صندوق عالمي رئيسي بإمكانيات استثمارية ضخمة، والوصول لشبكة واسعة من المستثمرين وكبرى الشركات في كل أنحاء العالم، والتي سيتم توظيفها لإنجاح المشروع.
وسيكون «نيوم» بمثابة نقطة ربط للمحاور الاقتصادية، ما يجذب رؤوس الأموال والاستثمارات العالمية إليه، وبالتالي حصول الصندوق على المدى الطويل على عوائد ضخمة ستسهم في تعزيز اقتصاد المملكة، وتحقيق أرباح عالية للمستثمرين. كما سيحد من تسرب الأموال لخارج المملكة، ويهدف إلى أن يكون أحد أهم العواصم الاقتصادية والعلمية العالمية.
ويعتبر استقطاب المستثمرين العالميين إلى المنطقة وإشراكهم في تطويرها وتنميتها وبنائها، من قبلهم ولمصلحتهم، أحد المُمكِّنات الرئيسية لنجاح هذا المشروع وأهم عناصره الجاذبة التي تساعدهم على النمو والازدهار في أعمالهم. يؤكد على ذلك المرونة العالية لصياغة الأنظمة والتشريعات من قبل المستثمرين، التي تعزز الابتكار التقني والمجتمعي وفق أفضل الممارسات العالمية، حيث إن أنظمة منطقة المشروع مستقلة عن أنظمة المملكة فيما عدا السيادية منها.
وقال ولي العهد: «سيتم بناء منطقة نيوم من الصفر على أرض خام، وهذا ما يمنحها فرَصاً استثنائية تميزها عن بقية المناطق التي نشأت وتطورت عبر مئات السنين وسنغتنم هذه الفرصة لبناء طريقة جديدة للحياة بإمكانيات اقتصادية جبارة».
وتشمل التقنيات المستقبلية لتطوير منطقة نيوم» مزايا فريدة، يتمثل بعضها في حلول التنقل الذكية بدءاً من القيادة الذاتية وحتى الطائرات ذاتية القيادة، الأساليب الحديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، الرعاية الصحية التي تركز على الإنسان وتحيط به من أجل رفاهيته، الشبكات المجانية للإنترنت الفائق السرعة أو ما يُسمى بـ «الهواء الرقمي»، التعليم المجاني المستمر على الإنترنت بأعلى المعايير العالمية، الخدمات الحكومية الرقمية المتكاملة التي تتيح كل الخدمات للجميع بمجرد اللمس، معايير جديدة لكود البناء من أجل منازل خالية من الكربون، وتصميم إبداعي ومبتكر لمنطقة»نيوم»تحفز على المشي واستخدام الدراجة الهوائية تعززها مصادر الطاقة المتجددة».
وأشار ولي العهد إلى أن كل ذلك سيخلق طريقة جديدة للحياة يأخذ بعين الاعتبار طموحات الإنسان وتطلعاته، وتطبيق أحدث ما توصلت إليه أفضل التقنيات العالمية، إذ يتطلع «نيوم» لتحقيق أهدافه الطموحة بأن تكون المنطقة من الأكثر أمناً في العالم إن لم تكن الأكثر، وذلك عبر توظيف أحدث التقنيات العالمية في مجال الأمن والسلامة، وتعزيز كفاءات أنشطة الحياة العامة، من أجل حماية السكان والمرتادين والمستثمرين.
وستتم أتمتة جميع الخدمات المقدمة والإجراءات فيها بنسبة 100 في المئة بهدف أن يصبح المشروع الأكثر كفاءة حول العالم، وبالتالي يتم تطبيقها على كل الأنشطة كالإجراءات القانونية والحكومية والاستثمارية وغيرها، بل إن المنطقة بأكملها ستخضع لأعلى معايير الاستدامة العالمية، وستكون جميع المعاملات والإجراءات والمرافعات فيها إلكترونية من دون ورق.
وحسب المخطط سيطبق المشروع بقوة مفهوم القوى العاملة للاقتصاد الجديد الذي يعتمد على استقطاب الكفاءات والمهارات البشرية العالية للتفرغ للابتكار وإدارة القرارات وقيادة المنشآت.أما المهام المتكررة والشاقة فسيتولاها عدد هائل من الروبوتات والتي قد يتجاوز عددها تعداد السكان، ما قد يجعل إجمالي الناتج المحلي للفرد في المنطقة هو الأعلى عالمياً، وكل تلك المقومات والخصائص ستضع «نيوم» في الصدارة من حيث كفاءة الخدمات المقدمة ليصبح الأفضل للعيش في العالم.
ويتمتع المشروع بالتضاريس المذهلة التي تشمل الشواطئ البكر التي تمتد على مساحة تتجاوز 460 كم من ساحل البحر الأحمر، والعديد من الجزر ذات الطبيعة الأخاذة، ناهيك عن الجبال ذات المناظر الخلابة التي تطل على خليج العقبة والبحر الأحمر، وتغطي قممها الثلوج خلال فصل الشتاء، وكذلك الصحراء المثالية الممتدة بهدوئها وجَمالها.
وستخضع هذه المنطقة الخاصة إلى أنظمة وتشريعات مستقلة وفق أفضل الممارسات العالمية التي تُصاغ من قِبل المستثمرين ومن أجلهم، حيث سيكون المشروع مستقلاً عن أنظمة المملكة فيما عدا السيادية منها، وبدأ العمل بالفعل في المشروع، وذلك من خلال بحث سبل التعاون والاستثمار مع شبكة واسعة من المستثمرين الدوليين.
ويهدف المشروع إلى توفير أفضل سبل العيش والفرص الاقتصادية لقاطنيه، وسيسعى إلى استقطاب أفضل المواهب من المملكة وخارجها، وبذلك سيعيش فيه السعوديون والوافدون على حد سواء، كما هو حال جميع المناطق الخاصة العالمية الأخرى، وسينمو تعداد السكان متأثراً بالتطورات المستقبلية، كالأتمتة والروبوتات والتي ستحد من الأيدي العاملة البشرية ذوي الأعمال الشاقة، وذلك سيزيد من وجود قوى عاملة عالية المهارة، كالأطباء وغيرهم لشغل الوظائف ذات الطابع الاستراتيجي والإبداعي. وسيكون المشروع منطقة خاصة مستثناة من أنظمة وقوانين الدولة الاعتيادية، كالضرائب والجمارك وقوانين العمل والقيود القانونية الأخرى على الأعمال التجارية، فيما عدا الأنظمة السيادية (هو كل ما يتعلق بالقطاعات العسكرية والسياسة الخارجية والقرارات السيادية بحسب ما تراه حكومة المملكة مناسباً)، مما سيتيح للمنطقة القدرة على تصنيع منتجات وتوفير خدمات بأسعار منافسة عالمياً.
وستوفر هذه المنطقة الخاصة فرصاً جاذبة للمستثمرين، من أهمها الوصول إلى السوق السعودي بشكل مباشر أولاً، والأسواق العالمية ثانياً، كون المنطقة مركز ربط للقارات الثلاث، بالإضافة إلى البيئة التنظيمية التي تتيح لهم المشاركة في صياغة الأنظمة والتشريعات.
كما سيحظى أصحاب الأعمال والاستثمار بدعم تمويلي لإقامة المشاريع التي تخدم أهداف مشروع «نيوم». بالإضافة لذلك، فإن حكومة المملكة تولي هذا المشروع اهتماماً بالغاً ودعماً كبيراً على جميع المستويات.
من جهة أخرى، انضمّ المدير التنفيذيّ الأعلى لشركة فورد لوسائل النقل الذكيّة راج راو، إلى جلسة مناقشة حول بناء المستقبل خلال هذا المنتدى الذي يناقش الأساليب التي تستطيع بموجبها السلطات العالميّة التحضير للموجة التالية من التجارة العالميّة من خلال مشاريع البنى التحتيّة على نطاق واسع.
وقال راو «تسرّني المشاركة في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، وأتطلَّع الى المشاركة في المناقشات وتقييم كيف يمكن لخدمات وسائل النقل أن تلعب دوراً مهماً في المملكة العربيّة السعوديّة».
وأضاف أن المملكة العربية السعودية هي أكبر سوق لـ «فورد» في منطقة الخليج والشرق الأوسط بالإجمال، وهي ملتزمة بالكامل حيال هذه السوق الرئيسيّة.
وبين أنه من خلال رؤية السعودية 2030، هناك مستقبل مشرق للمملكة، معرباً عن ثقته بأنّ التنوّع الاقتصاديّ الذي تتميّز به سيؤدّي إلى نتائج إيجابيّة لكافة الصناعات.
وتابع راو «عندما تفكّر في مدينة الغد وما الذي سيتوقّعه السكان، يجب أن تفكّر على نطاق واسع وليس من وجهة نظر شركة لتصنيع السيارات، وسيتغيّر مستوى التوقّعات، وسيؤدّي هذا إلى تغيير نظرتنا إلى ملكيّة السيارات، والى الخدمات التي سيكون علينا تأمينها كشركة سيارات وكشركة لوسائل النقل».
وأكد أن هذا الأمر يشكّل تحدياً كبيراً لأنّه مع انتقال المزيد من الناس إلى المدن، يجب مواكبة هذا النمو من أجل تأمين وسائل النقل والازدهار للناس ومجتمعاتهم.
إضاءات:
• المشروع يشتمل على أراضٍ في السعودية ومصر والأردن
• بدء تأسيس ركائز البنى التحتية … والمرحلة الأولى تنتهي في 2025
• التركيز على 9 قطاعات استثمارية متخصصة تستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية
• يمكن لـ 70 في المئة من سكان العالم الوصول للمشروع خلال 8 ساعات
• الموقع مدخل رئيسي لجسر الملك سلمان الذي سيربط بين آسيا وإفريقيا
• استثناء من أنظمة وقوانين الدولة كالضرائب والجمارك والعملش