بين اختيار حكومة الكويت الإعلان عن رؤيتها التنموية لـ«كويت 2035» على الهواء مباشرة في دار الأوبرا، وبين الواقع الذي تعيشه الادارة الكويتية اليوم… فرق شاسع قد يصل إلى 2035 سنة.
من الحديث قبل أكثر من عقد عن تحويل الكويت مركزاً مالياً، ومن تاريخ الثلاثين من يناير الماضي، موعد إعلان الرؤية التنموية، إلى اليوم الأحد موعد صدور الجريدة الرسمية «كويت اليوم»، انكشف مستور الرؤية على «انعدام الرؤية» وظهرت الجهود المعلن عنها على حقيقتها، والمؤمل منها أن تحارب البيروقراطية، وأن تسرّع إنجاز المعاملات على الهاتف النقال، وتفجر «ثورة تعليمية» وتفتح أكثر من جامعة حكومية، وتوزع 46 ألف وحدة سكنية في 4 سنوات، وتنجز المعاملة التي كانت تستغرق شهرين في 3 أيام، وتضاعف السعة الاستيعابية للمستشفيات، وتوفر العلاجات المتخصصة دون اللجوء إلى الخارج، والأهم من هذا كله استثمار الوقت لتوفير النفقات… كل ذلك «انفضح» في ورقة واحدة في «كويت اليوم» عن اعلان ديوان المحاسبة ممارسة لتوفير آلتي تصوير واحدة أبيض وأسود والثانية بالالوان.
ماذا في إعلان الممارسة؟
طرح ديوان المحاسبة الممارسة الرقم (4 / 2017/ 2018) بشأن توريد وتركيب وتشغيل وصيانة عدد 2 آلة تصوير إحداهما بالأبيض والأسود، والثانية ملونة وذواتي جودة عالية، طبقا للشروط والمواصفات الواردة في وثائق الممارسة، مشيراً إلى أنه يمكن الحصول عليها من قسم المشتريات في مقر الديوان الكائن في الشويخ الإدارية شارع 102 أثناء ساعات الدوام الرسمي اعتباراً من يوم الأحد الموافق 23 يوليو 2017 مقابل رسم مقداره 75 ديناراً غير قابلة للرد تدفع عن طريق (الكي نت).
وأشار الديوان إلى أن العطاءات تشمل التأمين الاولي، سواء خطابات ضمان أو شيكات مصدقة من البنك وتحمل اسم الشركة أو المؤسسة المقدمة والجهة المستفيدة (ديوان المحاسبة)، وتوضع العطاءات في صندوق ممارسات الديوان في موعد أقصاه الساعة الثانية و20 دقيقة من ظهر يوم الاثنين الموافق السابع من أغسطس 2017، معلناً عن عقد اجتماع علني لفض المظاريف بتاريخ الثامن من أغسطس، في تمام الساعة العاشرة صباحاً في الديوان، وأن العطاءات تسري لمدة 90 يوماً من تاريخ فض المظاريف، على أن يتم إرفاق شهادة دعم العمالة الوطنية مع العطاءات وإلا فسوف يعتبر العطاء لاغياً.
بين تأسيس شركة بيوم وانجاز معاملتك عبر الهاتف، وبين «ممارسة» الديوان فارق كبير. تواريخ مضبوطة «على الساعة»، وبين موعد طرح الممارسة وفض المظاريف الـ 17 يوماً، ثم 90 يوماً لسريان العطاءات من تاريخ فض المظاريف… وذلك كله من أجل تأمين آلتي تصوير، بما يساهم في تحقيق «رؤية كويت 2035» بالأبيض والاسود أو بالالوان الطبيعية.
ليست هذه الممارسة وحيدة في فرادتها، فكل اسبوع قد يكون حافلاً بعشرات من الأمور المشابهة التي تحصل في الأروقة الحكومية، إن لجهة توريد علب محارم، وأكياس وأكواب بلاستيك، وخلاف ذلك، فيما تتوارى المشاريع الحيوية اللصيقة باهتمام المواطن وأولوياته، وتتوارى خلف جدار البيروقراطية.
بعيداً من انجازات العالم من حولنا، والاجتهاد في انجاز منصات ضخمة ترسل سفناً فضائية إلى المريخ، لبحث إمكانية وجود حياة على سطحه، بل بعيداً من القدرة المحلية على تحديد جنس التلوث الذي ضرب مياه الكويت، لتحديد سبب نفوق الأسماك، يعود الكويتيون إلى تطلعاتهم «الواقعية» بأن يصلوا إلى زمن تستطيع فيه الحكومة حسم أمر طابعتي تصوير في أقل من 3 أشهر و17 يوماً اللهم الا اذا كان المستقبل الذي وعدوا به من دار الأوبرا… بالأبيض والأسود.