حركة سوق العمل بالكويت لأفضل مستوياتها منذ عامين
من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس».
ويعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم بالنسبة لأوضاعهم المالية، وانعكاس ذلك على قدراتهم الشرائية.
ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات.
تم اجراء البحث بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، مع مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.
ويستند تقييم المؤشر العام لثقة المستهلك الى ست مؤشرات اعتمدها الباحثون في شركة آراء لقياس مدى رضا المستهلكين وتفاؤلهم، وهي: مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي، مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا، مؤشر الدخل الفردي الحالي، مؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا، مؤشر فرص العمل الجديدة في سوق العمل حاليا، ومؤشر شراء المنتجات المعمرة.
وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الستة بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «ايجابي» أو «سلبي» أو «حيادي».
يتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين، فكلما تجاوزها المؤشر، يكون الوضع النفسي للمستهلكين في الكويت يميل نحو التفاؤل أكثر فأكثر، وكلما تراجع المؤشر عنها في اتجاه الصفر تكون النظرة أكثر تشاؤما.
كشف مؤشر شركة آراء للبحوث وللاستشارات التسويقية، لثقة المستهلك في الكويت خلال مارس 2018 عن اتصاف معدلات المؤشرات بالتباين، حيث ارتفع معدل المؤشر العام 3 نقاط والوضع الاقتصادي الحالي 9 نقاط ومؤشر فرص العمل المتوافرة في السوق حاليا 33 نقطة خلال شهر، وبذلك ارتقى معيار حركة سوق العمل إلى ثاني أفضل المستويات منذ سنتين.
ومن جهة أخرى، استقر معدل مؤشرا الدخل الفردي الحالـــي ومعدل الدخــل الفردي المتوقع مستقبلا عند مستوياتهما السابقة، بينما تراجع مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا 4 نقاط.
غير أن اللافت تراجع معدل شراء المنتجات المعمرة 15 نقطة مكتفيا بتسجيل 120 نقطة، وذلك مقارنة بشهر فبراير.
وتوقف محللو شركة آراء عند هذا التفاوت في نتائج البحث، بحيث توزعت بين ارتفاع 3 مؤشرات، وثبات اثنين وتراجع اثنين، وتبين لهم ان النتائج تعكس أهم سمات المرحلة الانتقالية على الصعيد الاقتصادي التي تواجهها الكويت، كما تواجهها معظم الدول المصدرة للنفط.
وترتبط هذه المرحلة الانتقالية ارتباطــا وثيقا بمسار أسعار النفط وتوقعاتها المستقبلية وترتدي أهمية تاريخية نظرا لما تتضمنه من مشاريع، تصب بهدف أساسي تطوير وتنويع البنية الاقتصادية في الكويت.
هذا الهدف يتضمن العديد من التوجهات الاستراتيجية المترابطة في خطة واحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل مشروع وموجباته ونتائجه.
لعل أبرز عناوين هذه المشاريع:
٭ المتابعة الرسمية للاستثمار في قطاع النفط والبنية التحتية وقطاعات اخرى.
٭ السعي لجذب الرساميل الأجنبية للاستثمار في الكويت وهذا التوجه يتطلب اتخاذ خطوات عملية تشكل قاعدة النجاح للاستثمار، ومنها تشريع قوانين حديثة ومتطورة، وإقرار أنظمة تنفيذية ملائمة لجذب الاستثمارات، وتشريع ضريبي متوازن، فضلا عن إعداد خطط ومشاريع تساعد في جذب الاستثمارات وتسهيل اختيار الشركات الأجنبية للقطاعات الاقتصادية المرجوة.
٭ كما تحتــــل مشاريـع الخصخصة والمشاركة مع القطاع الخاص أهمية استثنائية في برنامج تطوير البنى التحتية وبعض المرافق الاقتصادية.
٭ تــأسيس الشركـــــات والمؤسســات الصغيـــرة والمتوسطة، فالملاحظ ان هذا التوجه الاقتصادي اكتسب سمة عالمية ونفذ حتى في بعض الدول الأكثر تطورا.
ولا بد من إيلاء المزيد من الاهتمام والمساعدة على اختيار القطاعات الأكثر ملاءمة، مع التركيز على ضرورة تأمين مقومات الإنتاجية والجدوى الاقتصادية لتلك الشركات.
٭ من ملامح التطور الاقتصادي الراهن في الكويت، الإجراءات القانونية والتنظيمية العملية التي اتخذت وأنجزت في مجال تطوير نشاط البورصة، على أسس تصنيف علمي للشركات المدرجة في السوق المالي.
ان سمات هذا التطور التدريجي الانتقالي لهيكلية الاقتصاد، ولتوزيع وتنويع مصادر الدخل الوطني، سيؤدي بشكل موضوعي وتدريجي لتغيير بنية القوى العاملة عامة والوطنية بشكل خاص، من حيث مؤهلاتها العلمية والمهنية ومن حيث توجه المزيد من العمالة الكويتية للعمل في القطاع الخاص كما وفي الشركات المشتركة بين القطاعين الحكومي والخاص فضلا عن الشركات الأجنبية التي تعمل في الكويت.
ان هذه التغيرات البنيوية، أثرت وستؤثر أكثر على نفسية وعلى قناعات المستهلكين، وترخي في ظلالها بتباينات في الرأي ومستوى الثقة في أوساطهم.
العاصمة تعزز ثقتها بالوضع الاقتصادي
بالإضافة الى التوجه الرسمي العام، في المجالين المالي والاقتصادي، سعيا لتطوير الهيكلية الاقتصادية، تبقى للمستجدات المالية والاقتصادية الآنية دورها في تحديد مستوى ثقة المستهلكين وأبرز المستجدات الحالية:
٭ تراجع عجز الموازنة المالية 2017 – 2018 من مستوى التوقعات التي أشارت الى عجز متوقع يتجاوز 4 مليارات دينار الى عجز حقيقي سجل في الشهر الحادي عشر من السنة المالية وبلغ 2.53 مليار دينار.
٭ الاستقرار النسبي لأسعار النفط خلال شهر مارس.
٭ انخفاض مستوى سيولة البورصة خلال شهر فبراير بنسبة 36%.
٭ عدم عودة العافية الى القطاع العقاري حيث سجل نسبة نمو عدد المباني خلال العام الماضي 1.6% وهو الأدنى منذ 5 سنوات.
لا شك في ان بعض هذه المستجدات ضغطت على ثقة المستهلك ولكنه لم يطال ثقتهم بالوضع الاقتصادي الحالي الذي نال معدلا بلغ 109 نقاط بإضافة 9 نقاط على رصيده السابق.
اللافت ارتفــاع معدل العاصمة، بما ترمز إليه من موقع القرارات السياسية والمالية والاقتصادية، حيث عززت معدلها لمؤشر الوضع الاقتصادي الحالي بإضافة 29 نقطة على رصيدها السابق.
كما سجلت المحافظات الأخرى معدلات أفضل من معدلاتها السابقة لمؤشر الوضع الاقتصادي الحالي رافعة رصيدها السابق بين 13 و7 نقاط إضافية باستثناء محافظة مبارك الكبير التي عبرت على تحفظها بخسارة 3 نقاط.
كما رفع المواطنــون معدلهم 9 نقاط والمقيمون العرب 10 نقاط خلال شهر.
إن معطيات البحث تشير الى ان معظم مكوناته المناطقية والاجتماعية رفعت من مستوى ثقتها بالوضع الاقتصادي الراهن.
عودة مؤشر الشراء إلى مستواه المعتاد
سجل معدل مؤشر شراء المنتجات المعمرة 120 نقطة متخليا عن 15 نقطة اكتسبها خلال شهر فبراير المنصرم، ويعتبر هذا المعدل قريبا من معدلاته السابقة، علما بان جملة من العناصر الإيجابية تشجع على الشراء ومنها:
٭ تراجع أسعار العديد من السلع والمواد الغذائية، وذلك منذ 3 أشهر.
٭ تراجع مستوى التضخم النقدي السنوي الى ادنى مستوياته عند 1%.
٭ تسجيل الدينار الكويتي أعلى مستوياته منذ 5 سنوات مقابل سعر صرف الدولار.
ولكن من جهة أخرى حصل تباطؤ في حجم الائتمان المصرفي منذ شهر سبتمبر الفائت، مما قلص حجم السيولة المتداولة وأثر سلبا على شراء المنتجات المعمرة. فتراجع مؤشر الشراء في اوساط المواطنين بنقطتين خلال شهر والمقيمون العرب سجلوا تراجعا ملحوظا للاستهلاك بلغ 39 نقطة.
بينما على الصعيد المناطقي ارتفعت معدلات الشراء 43 نقطة في الفروانية و23 نقطة في الأحمدي. بينما تراجعت 14 نقطة في محافظتي الجهراء ومبارك الكبير. ان ظاهرة انكفاء شراء المنتجات المعمرة، بقيت ضمن المعايير المقبولة، لتعود لاحقا للارتفاع مجددا.
ارتقاء مستوى سوق العمل في العاصمة
سجل مؤشر فرص العمل المتوافرة في السوق حاليا معدلا مرتفعا بلغ 191 نقطة خلال شهر مارس بزيادة 33 نقطة عن رصيده الشهري السابق، ويحتل هذا المستوى ثاني أفضل رقم له منذ 3 سنوات.
اللافت في هذا المجال ما عكسته معدلات العاصمة حيث منحت مؤشر فرص العمل 201 نقطة بإضافة 90 نقطة على رصيدها السابق يعكسا مستوى النشاط في سوق العمل عند سكان العاصمة. وفي هذا الإطار تضاعفت الجهود الحكومية الى رفع نسبة تكويت القوى العاملة، وأتى القانون الأخير للحكومة بعدم تجديد عقود عمل الوافدين العاملين في القطاع الحكومي، وذلك بهدف القضاء على البطالة، ولو كانت بنسب مقبولة، ومن اجل تخفيض حجم التحويلات إلى الخارج. وتبرز في هذا الصدد الحاجة لتطوير المناهج الدراسية والتعليمية على كل المستويات لتأمين حاجات سوق العمل من القوى العاملة الوطنية.
الملاحظ تعبير كل المحافظات عن رضاها في مستوى الطلب على الوظائف الشاغرة، هذا الطلب الذي يعكس انطلاق ورشة العمل في بعض القطاعات الاقتصادية وبعض المشاريع الاستثمارية الكبرى.
استقرار معدل الدخل الفردي
ثبت المستهلكون معدلا الدخل الفردي الحالي والدخل الفردي المتوقع مستقبلا، على المستوى المسجل خلال شهر فبراير، حيث سجلا على التوالي 104 نقاط و101 نقطة.
إن العنصر الجديد الذي برز في هذا المجال، هو استحداث ضريبة على تحويلات القوى العاملة الوافدة، هذا الإجراء الذي اعتبره البعض محدود الجدوى، نظرا للنفقات الإدارية التي يتطلبها تنفيذه.
من جهة أخرى، بينت معطيات البحث ان العاصمة سجلت ارتفاعا لمعدل مؤشر الدخل الفردي الحالي بلغ 36 نقطة ولمعدل الدخل الفردي المتوقع مستقبلا خمس نقاط معبرة، بذلك عن ثقتها بالمداخيل الآنية والمستقبلية. بينما منحت محافظة الأحمدي أعلى مستويات الثقة للمؤشر الاول 120 نقطة و113 نقطة لمؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا.
ان ارتفاع سعر صرف الدينار مقارنة بالدولار الأميركي الى اعلى مستوياته منذ 5 سنوات، عزز القدرة الشرائية للمداخيل الفردية، كما عززتها الزيادة على معظم الرواتب بنسبة 5% خلال 2017. وانعكس ذلك اطمئنانا في أوساط المستهلكين.
تراجع معدلات ذوي المداخيل المتوسطة
قال تقرير آراء ان مقاربة معطيات البحث، حول مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا، تشير الى تسجيل بعض التراجع في مستوى ثقة المستطلعين، بحيث سجل معدلا بلغ 104 نقاط بخسارة 4 نقاط خلال شهر.
قد تكون جملة من العوامل ضغطت على نفسية المستهلكين حول التوقعات الاقتصادية المستقبلية ومنها:
٭ التناقض في توقعات المصادر حول مصير أسعار النفط في الأشهر المقبلة.
٭ الخسائر التي تتكبدها البورصة من حين الى آخر.
٭ عدم تعافي القطاع العقاري الذي يشكل رافعة لعدة قطاعات اخرى.
٭ عدم تحقيق النجاحات المرجوة في القطاع الصناعي وقطاعات اخرى.
وضمن هذه الأجواء تراجعت معظم معدلات مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا، بنسب متفاوتة، حيث تراجع معدل العاصمة 5 نقاط وانقسمت معدلات المحافظات الاخرى بين سلبية بخسارة 9 او 8 نقاط وبين متفائلة بإضافة 11 و9 نقاط على رصيدها السابق. كما تراجع معدل المواطنين 9 نقاط خلال شهر والملاحظ التراجع الملحوظ لهذا المعدل في أوساط ذوي الدخل الفردي المتوسط بحيث تراجع رصيدها بنسبة 37 نقطة. هذه الأرقام تشير الى وجود تخوف لدى المستطلعين بشأن مصير الوضع الاقتصادي المتوقع في المستقبل.