تعرضت سياسة صرف أجور و مرتبات موظفي القطاع الحكومي إلى نقض ما جاء في المادتين (7) و (8) من دستور الكويت في ظل حكومة و مجلس أمة 2009 ، و عندما نعيد الشريط إلى الوراء ، فإنه في ظل حكومة الراحل الشيخ سعد العبدالله كانت المرتبات و الأجور تصرف للجميع بعدالة و مساواة بحدود 450 – 1000 دك وفقا لطبيعة العمل المتشابهة في الوظائف الحكومية التي تتبع ميزانية ديوان الخدمة المدنية أو المستقلة عنها ، مع إختلاف بسيط في صرف بدلات معينة لا تزيد عن مبلغ 150 – 300 دك ، و الكل يعلم أن في المؤسسات و الهيئات و الشركات الحكومية خاصة المختصة بالمجال العلمي و الفني و التي تستنزف ميزانية كبيرة من الدولة حاليا ، فإن المنتج و المنفذ الأول لتحقيق أهداف هذه الجهات هم الخبراء و الموظفين الوافدين قبل المواطنين .
كانت بداية إختراق العدالة في سياسة صرف الأجور ، عند إضراب نقابة جمعية المهندسين و إقرار كادرهم في عام 2010 بتأييد ساحق من الحكومة و المجلس ما عدا رفض النائبات الأربعة اللاتي طالبن بالحفاظ على تكافؤ الفرص الوظيفية ، و هذا الكادر قد صرف على جميع المهندسين الذين يتبعون جهات عمل ديوان الخدمة المدنية و الذي يتراوح بين 1017 – 2600 دك من دون رجوع المجلس و النقابة و الحكومة إلى طبيعة المهام الموكلة إليهم في مختلف الإدارات التي يعملون فيها بجهات عملهم و الذين يشاركون غيرهم من التخصصات التنفيذية المختلفة نفس طبيعة المهام الموكلة في نفس الإدارة ! و هذا فساد إداري في تقدير أجر الموظف!
و بعد مرور مدة لا تزيد عن العام من إقرار الكادر ، وشى بعض مهندسي الوزارات بأمر إرتكابهم مخالفة المادة (23) من قرار 41/2006 على مدار العام إلى زملاءهم الفنيين في القطاع النفطي ، فارتفعت أصوات الإستياء من مهندسي و عاملي القطاع النفطي في عدم عدالة صرف الراتب بين أداء المهندسين في القطاع النفطي و أداءهم في أحد الوزارات ، فبدأ الإضراب النقابي للقطاع النفطي تلاه نقابة المعلمين و الأطباء و الجمارك ….الخ و تأييد نواب التكسبات السياسية لها ، إلى أن أصبحت هناك فوضى عارمة في البلاد و الذي إنتهى برضوخ الحكومة و المجلس لفوضى صرف الرواتب و الأجور . و الذي تضرر من كل ذلك ، هم المواطنين من أصحاب التخصصات الفنية التي لا تتبع نقابة أو جمعية و لا تعمل في القطاع النفطي ، فعلى سبيل المثال الجيولوجي في وزارة النفط يتقاضى راتبا بين 950 دك إلى 1800 دك بينما في شركات مؤسسات البترول الكويتية يتقاضى راتبا بين 1600 إلى 7000 دك إستنادا إلى قرارهم الذي أقر في 2011 ؟!! بينما كان فرق الراتب الحكومي للتخصص الوظيفي الواحد في زمن حكومة الشيخ سعد العبدالله رحمه الله لا يتجاوز 200 دك ؟!!
تم حل حكومة 2009 في نهاية عام 2011 و وعد رئيس الحكومة الحالي منذ عام 2011 بتطبيق مشروع البديل الإستراتيجي خلال ستة أشهر و هو نظام مالي عام لهيكلة الأجور و المرتبات يهدف إلى تحقيق مبدأ عدالة توزيع الرواتب و المزايا و التعويضات المالية الذي يستند على عمليات توصيف و تقييم الوظائف الحكومية و فقا لنظم متطورة . إلا أننا في عام 2017 و لم يطبق المشروع في أرض الواقع !!!
و المصيبة أنه بعد إقرار جميع هذه الكوادر ، لم يتحسن أداء و إنتاجية خدمات الدولة في التعليم و الصحة و الطرقات و الرقابة ….. الخ و لم تستغني الدولة عن الخبراء و الموظفين الوافدين في القطاع النفطي أو في القطاعات الحكومية الأخرى !!
العدل في تقدير أجر الموظفين أحد أبرز العوامل الرئيسية في تحسين جودة الإنتاجية الوظيفية الذي ينعكس على تنمية و تطوير البلاد ، و هو غائب تماما عن إدارة تقدير الأجور الحالية !! فمتى سيطبق مشروع البديل الإستراتيجي؟!
بقلم :بسمة سعود