استكمالا لما طرحته في المقال السابق و بعد قراءتي لمقال الدكتورة ابتهال الخطيب بعنوان “لوعة كبد” و الذي جاء فيه (( لا تزال هناك أعداد ضخمة من سخفاء فارغي البشر الذين يتمسكون بعراقة الأصل ونقاء الدم والامتداد الأصولي، لا يزالون يقولون “عيال بطنها، وأصيلين، و مو من مواخيذنا” ويتغنون بأمجاد عائلاتهم وعراقة سلسال دمائهم وعظمة أصولهم، وهم وأنا ونحن جميعاً، مجرد كائنات منحدرة من سمكة )) مع استشهادها في بداية المقال بنظرية العالم داروين ، حثني مقال الدكتورة لأكتب هذا الجزء من المقال الذي يطرح قضية علمية مثبت بالأدلة و بعيدة عن النظريات الجدلية و التي تسببت في إلحاد البعض الذين لا يبحثون و لا يقرؤون في القرآن بسبب تناقضها مع الموروثات المذهبية و كذلك دعما مني لقضية الدكتورة السامية في نبذ الهرطقات الغبية حول عراقة الأصول الكويتية . منذ أن ولدنا في الدنيا توارثنا اعتقاد أن آدم عليه السلام هو أول البشر في الوجود ، لكن في التسعينات تم اكتشاف أحفورة كاملة لهيكل عظمي بشري و عند تطبيق تقنية العناصر المشعة عليه الذي يقيس العمر الجيولوجي المطلق للأحفورة وجد أنه عائد للعصر الرباعي للعهد البليستوسين الأسفل الذي يبدأ عمره الزمني الجيولوجي بإثنين مليون سنة و وجد أن هذه الأحفورة البشرية تختلف في أجزاء من هياكلها العظمية للنوع الآدمي الحالي الذي ظهر حوالي ثلاثين ألفا سنة في نهاية عهد البلستوسين الأعلى ، بما يقطع الشك باليقين أن آدم عليه السلام ليس أول بشرا خلق في الوجود ، و هذه الحقيقة العلمية تدرس في كتب الجيولوجيا بالجامعات العالمية و كانت تدرس في كتاب علم الأرض للمقررات بمدارس الكويت و في جامعة الكويت التي تم طمسها لاحقا بعد هجوم التيار المذهبي في مجلس الأمة و المشايخ الذين يكذبون العلم و يكفرون بكل من يختلف معهم من أجل موروثاتهم ، لكن بسبب ظهور هذه الحقيقة العلمية في عصر الفضائيات جاء الرد الصاعق من علماء الجيولوجيا المسلمين على هجوم المشايخ باستشهادهم في الآية (30) من سورة البقرة الذي يثبت أن هناك بشر يسكنون الأرض قبل آدم عليه السلام بقوله تعالى ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) ، من الآية المبينة و البين للجميع أن آدم عليه السلام خلق من صلصال من حمإ مسنون و ليس من نار مثل الجن و قبل أن ينفخ الله تعالى فيه الروح أشار الله تعالى للملائكة أنه سيجعل من هذا البشر و ذريته خلفاء في الأرض فجاء رد الملائكة لله تعالى بأن البشر يفسدون في الأرض و يسفكون الدماء ، فكيف للملائكة يا قارئي العزيز أن تحكم بأن البشر تفسد في الأرض و تسفك الدماء إلا لأن هناك بشرا خلقوا من نفس صنف آدم عليه السلام (الصلصال ) كانوا يسكنون الأرض !!! ، و هذه الآية الكريمة تتفق مع ما تم اكتشافه علميا و العلم لا يكذب القرآن ، و بعد هذا الاكتشاف صنف علماء الجيولوجيا البشر لنوعين النوع الأول هو البشر البدائي الذين انقرضوا قبل خلق آدم عليه السلام بعشرات آلاف السنين و النوع الثاني هو الإنسان الحديث و كان آدم عليه السلام الذي أشار إليه الرحمن للملائكة هو أول خلقهم و جميعنا نحن اليوم ننتمي إلى سلالة آدم عليه السلام لذلك فإن آدم عليه السلام هو أبو الإنسان الحديث و ليس أبو البشر ، و فصل الله تعالى خلقه للإنسان بقوله تعالى في سورة المؤمنون ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ) . ختاما جميع شعوب العالم باختلاف جنسياتهم و أعراقهم و دمائهم و أنسابهم بما فيها شعب الكويت أصلهم يعود لآدم عليه السلام و آدم من تراب ، فعلميا و قرآنا لا يوجد شيء اسمه دماء نقية و أصول عظيمة كتمييزا أو تكبرا أو تحقيرا بين ذرية آدم عليه السلام و من يردد أو يصدق هذه الهرطقات الغير علمية فلديه مشكلة في تقدير ذاته و عليه مراجعة استشاري نفسي !
بقلم الأستاذة / بسمة سعود