زيارة الأمير إلى أمريكا.. توثيق لعلاقات مميزة وشراكة قوية
تشكل الزيارة الرسمية لصاحب السمو أمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد، إلى الولايات المتحدة الأميركية حدثا مفصليا في ضوء العلاقات المتميزة والشراكة القوية والوثيقة التي تربط البلدين في شتى المجالات ووسط آخر التطورات في المنطقة والعالم.
ومن المقرر أن يجري سمو أمير البلاد مباحثات رسمية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن يوم الخميس المقبل تتناول تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وكان الرئيس ترامب وجه الدعوة إلى سمو الأمير لزيارة واشنطن خلال اتصال هاتفي في شهر فبراير الماضي عقب فوزه بالانتخابات الأمريكية أكد خلاله عمق العلاقات ومتانتها، متطلعا إلى تعزيز أطر التعاون المشترك في مختلف المجالات لاسيما الاقتصادية والأمنية والعسكرية والارتقاء بها إلى آفاق أرحب خدمة لمصلحة البلدين الصديقين في ظل الشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما.
وسيبحث سمو أمير البلاد مع الرئيس الأمريكي الجهود المبذولة لحل الأزمة الخليجية والتعاون الوثيق في ما يتعلق بالحرب على الإرهاب والأمن الإقليمي وعملية السلام في الشرق الأوسط علاوة على ملفات ثنائية أخرى.
وتعد هذه الزيارة الرسمية الرابعة لسمو أمير البلاد إلى الولايات المتحدة منذ توليه مقاليد الحكم في دولة الكويت حيث كانت الزيارة الثالثة في شهر مايو 2015 خلال القمة التي ضمت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
كما التقى سموه في البيت الأبيض في أغسطس عام 2009 بالرئيس السابق أوباما الذي أعرب خلال اللقاء عن امتنان بلاده لدولة الكويت باعتبارها مضيفا بارزا للقوات المسلحة الأمريكية خلال عملياتها في العراق مؤكدا في الوقت نفسه متانة العلاقات الثنائية بين البلدين والتزام الولايات المتحدة المستمر بأمن دولة الكويت.
والتقى سموه خلال زيارته الأولى في سبتمبر 2006 بالرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن الذي أكد أن دولة الكويت هي دولة صديقة وحليفة معتبرا الإصلاحات التي قام بها سموه لاسيما تلك المتعلقة بالانفتاح الاقتصادي والسياسي مثالا لافتا للآخرين في المنطقة.
وكان سموه قد زار الولايات المتحدة في سبتمبر 2003 بعد تعيينه رئيسا للوزراء حيث عبرت الحكومة الأمريكية والكونغرس عن الشكر غير المحدود لموقف دولة الكويت في حرب تحرير العراق والحرب ضد الإرهاب.
وتعود العلاقات الكويتية الأمريكية إلى سنوات طويلة مضت عندما بدأ الاهتمام الأمريكي بمنطقة الخليج العربي واعتبارها منطقة ذات أهمية كبيرة وازدادت رسوخا باعتراف الولايات المتحدة بدولة الكويت بعد ثلاثة أشهر من استقلال الكويت في 22 سبتمبر من عام 1961 وبدأت على إثرها العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وتعددت زيارات المسؤولين بين البلدين حيث قام سمو أمير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم الصباح بزيارة الولايات المتحدة في ديسمبر عام 1968 رسخت على ضوئها العلاقة بين البلدين حيث بحث سموه رحمه الله مع الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها والمساعدات العسكرية الأمريكية لدولة الكويت وحفظ واستقرار منطقة الخليج العربي اضافة إلى قضية الصراع العربي الإسرائيلي.
كما قام سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله بزيارة الولايات المتحدة أثناء الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت عام 1990 والتقى مع الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب حيث تركزت الزيارة على المستجدات المتعلقة بحرب تحرير دولة الكويت والخطوات المتخذة في هذا الصدد.
وفي أكتوبر 1991 زار الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله العاصمة واشنطن ضمن جولة شملت أغلب الدول التي أسهمت بقواتها المسلحة في عملية تحرير الكويت ضمن التحالف الدولي الذي قهر العدوان ورفع راية الحق حيث قدم لها الشكر على مواقفها المؤيدة لدولة الكويت.
وفي الذكرى الخامسة لتحرير دولة الكويت في فبراير عام 1996 قام سمو الشيخ جابر الأحمد رحمه الله بزيارة واشنطن حيث التقى الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات وخصوصا الاقتصادية منها إضافة إلى أمن الخليج وعملية السلام في الشرق الاوسط.
وكان سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد لخص العلاقات بين البلدين خلال الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إلى الكويت في أكتوبر عام 1994 بقوله “إن الصداقة التي تربط بين بلدينا وشعبينا على بعد ما بينهما مكانا وحجما لهي أقوى دليل على وحدة الأهداف الخيرة والسعي لتحقيق المصلحة المشتركة بين الشعوب على أسس إنسانية”.
وقلد سمو أمير البلاد الراحل الرئيس الأمريكي أرفع وسام كويتي أي (قلادة مبارك الكبير) ليكون علاقة شكر وامتنان وطريق صداقة خالصة بين شعبين وحدت بينهما ليس فقط المصالح المشتركة بل القتال جنبا الى جنب.
وكان سموه رحمه الله قلد الرئيس الأمريكي الاسبق جورج بوش الأب الوسام نفسه في عام 1993 عند زيارته للبلاد عقب انتهاء ولايته الرئاسية عرفانا بدور هذا الرجل في قيادة حرب تحرير الكويت.
وفي يناير عام 2008 استقبل سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن خلال زيارته إلى الكويت وتضمنت المباحثات العلاقات المتميزة بين البلدين الصديقين وسبل تعزيزها في كل المجالات لبناء أرضية مشتركة تلتقي فيها أوجه التعاون لخير البلدين والشعبين الصديقين.
وقامت العلاقات السياسية بين الكويت والولايات المتحدة على أسس انطلقت من المبادئ والثوابت التي رسمتها الكويت بصفة أساسية لسياستها الخارجية وعلاقاتها مع غيرها من الدول منها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتمسك بسياسة حسن الجوار وعدم الانحياز إضافة الى التعاون الدولي في المجالين الاقتصادي والدبلوماسي.
ولسياسة الكويت الخارجية أهداف عدة تعمل على تحقيقها باستمرار بمختلف الوسائل والطرق وأبرزها الحفاظ على أمن الكويت واستقرارها وسلامة أراضيها ومن ثم أمن الخليج واستقراره والحفاظ على التضامن الإسلامي وإيجاد حل عادل ودائم للشعب الفلسطيني.
وفي ضوء هذه الثوابت والمبادئ والأهداف كانت علاقة الكويت وواشنطن ومازالت تسير فى هذا النهج الذي جعلها باستمرار علاقة تفاهم ووضوح وصداقة وتعاون لما فيه مصلحة الشعبين.
ومرت العلاقات الكويتية الأمريكية بأربع مراحل حتى وصلت إلى مستواها الحالي ففي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كانت العلاقات مع أمريكا علاقة صداقة وفي وسط الثمانينيات انتقلت إلى علاقة شراكة حين رفعت الأعلام الأمريكية على ناقلات النفط الكويتية إبان الحرب العراقية الايرانية.
ثم جاءت مرحلة الغزو العراقي للكويت وفترة التحرير وتوسعت هذه العلاقة لتأخذ إطارا استراتيجيا بين البلدين في تسعينيات القرن الماضي وتعمقت العلاقات الكويتية الأمريكية بعد قيام الإدارة الأمريكية عام 2004 بتصنيف الكويت حليفا خارج نطاق الناتو.
وخلال ال 56 عاما الماضية من العلاقات بين واشنطن والكويت ترسخت أواصر الصداقة والتعاون في مختلف المجالات وعكست عمق وقوة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.