ضريبة «تحويلات الوافدين»… تحذيرات الاقتصاديين لم تجدِ نفعاً!
لم تفلح التحذيرات وأجراس الإنذار التي دقتها الكثير من الجهات الاقتصادية العالمية والمحلية على ما يبدو في ثني «المالية البرلمانية» عن تمرير الضريبة على تحويلات الوافدين.
وفي حين أكدت اللجنة أنها راعت أصحاب الدخول المنخفضة والمحدودة في فرض ضرائب على تحويلات الوافدين، شدّد صندوق النقد الدولي في تقرير أصدره قبل مدة غير قصيرة، على أن التوجه نحو إقرار هذه الضريبة ينطوي على العديد من السلبيات.
واعتبر الصندوق في سياق تقريره، أن تطبيق الضريبة سيفرض كلفة إدارية وتشغيلية قد تخفض إيراداتها «الهامشية أصلاً»، ناهيك عن مخاطر راى الصندوق أنها تمس سمعة الدولة بين العمال الأجانب، فضلاً عن تراجع تنافسية القطاع الخاص، إلى جانب فرض قيود على قطاع الصرافة، ناهيك عن تعدّد سعر التحويل.
كما نبّه التقرير من أن الضريبة المذكورة قد تسهم في فقدان الكويت جاذبيتها على المدى القصير، ولاسيّما في ما يتعلق بالعمالة الماهرة التي تمتلك خيارات توظيف أعلى، بما يؤدي إلى نقص في المهارات، مشدّداً في الوقت نفسه على أن دول الخليج سبق ووقعت اتفاقيات ضريبية مزدوجة مع عدد من دول العمالة الأجنبية لديها، وهي تتضمن شرط عدم فرض ضرائب على دخل هذه العمالة.
من ناحيته، اعتبر بنك الكويت المركزي أن الضريبة على تحويلات الوافدين ليست إجراءً مناسباً لزيادة الإيرادات غير النفطية في ضوء ما يكتنفها من آثار عكسية، منوهاً بأنه تفتح الباب أمام لجوء الوافدين إلى قنوات تحويل غير رسمية، وايجاد سوق غير منظم لتلك التحويلات، ناهيك عن العمل بأسعار صرف متعددة، وإخراج الدينار والعملة الأجنبية من خلال المنافذ.
وتطرق المركزي إلى صورة أكثر شمولية، لافتاً إلى الضريبة قد تُقرأ من قبل وكالات التصنيف العالمية بشكل سلبي، ناهيك عن كونها لا تتواءم مع رؤية الكويت في أن تصبح مركزاً مالياً وتجارياً.
اتحاد شركات الصرافة هو الآخر كان له وقفة مع ملف الضريبة، معتبراً أن ما يقوم به بعض النواب ما هو إلا عملية بناء مراكز انتخابية، مشدداً على أن الاقتصاد الكويتي سيكون ضحية هذه العملية.
وفيما لفت الاتحاد إلى أن إقرار الضريبة قد يدمّر قطاعاً اقتصادياً كاملاً يضم أكثر من 40 شركة صرافة، وذلك بهدف تحقيق عوائد ضئيلة لا تسمن ولا تغني إيرادات الدولة.
وقال نائب رئيس الاتحاد، طلال بهمن، «ليس هكذا يؤتى الإصلاح المالي، فالتبعات الاقتصادية خطيرة، خصوصاً وأنها تفتح الباب أمام الوافدين للبحث عن طرق بديلة للتحويل، وهو ما سينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي العام.
وذكر أن التغييرات في سلوك الوافدين الاستهلاكي ستطول الأنشطة الاقتصادية كافة التي يملكها مواطنون، ويجعلها عرضة لتراجع الإيرادات، وانخفاض معدلات النمو.
بدوره، أشار الوزير السابق، والاقصادي المخضرم علي الموسى، إلى أن «الماي اللي نقطة في البحر قيمته أكبر من حجم الإيرادات المتوقعة من فرض الضريبة» قائلاً إن»فرض الضريبة على تحويلات الوافدين، فكرة غير اقتصادية، وغير موفقة».
وأكد الموسى أنها تتعارض مع أساس الضرائب الأصلية في الدولة، والتي تمنع تخصيص شريحة سكانية دون غيرها بأي نوع من الضرائب، آملاً من الجميع قراءة أصول ونصوص القوانين الضريبية التي وضعتها شركات النفط الأجنبية في فترة الخمسينات.
من ناحيتها، أفادت شركة بيان للاستثمار، أن فرض ضريبة على تحويلات الوافدين، لن يكون مؤثراً البتة في تحسين مصادر الدخل أو سد عجز الميزانية، لافتة إلى أن السماح للوافدين بتملك مساكنهم الخاصة على أقل تقدير، لاسيما الذين عاشوا مع عائلاتهم فترة طويلة بالكويت، يمكن أن يسهم في تحسين مصادر الدخل، وبناء دولة اقتصادية جاذبة للاستثمارات، أسوة بالدول الأخرى.
وفي هذا الإطار، يرى محللون وخبراء أن النسب التي أعلنتها اللجنة المالية البرلمانية لا تُعد سوى دليلاً على أن إقرار الضريبة يأتي بصورة متعجلة، وغير مدروسة على الإطلاق، إذ إن النسب الجديدة تُعد أقل قيمة عن ما أُعلنت سابقاً وفق نظام الشرائح، الأمر الذي يزيد الشكوك حول جدواها الاقتصادية.