ميسي… كبش الخلاص
«كل الطرق تؤدي إلى روما».
مقولة انتشرت في عصر الإمبراطورية الرومانية، حين كانت روما تمثل «محور العالم»، وكانت كل طريق في تلك الإمبراطورية، إما تؤدي مباشرة إليها أو ترتبط بطريق رئيسية تنتهي بها.
صحيح أن مدينة برشلونة الواقعة في إقليم كاتالونيا تعتز بجذورها وهويتها «المتمايزة» وتطالب جهاراً على لسان كثيرين من «مواطنيها» بالاستقلال عن الحكم المركزي في مدريد وبالتالي عن اسبانيا، إلا أنها ما فتئت تقتفي أثر «ولد ذهبي مُتبَنّى قادم من بلاد الفضة الأرجنتين» لتحقق في «مستطيل أخضر» ما قد تعجز عن تحقيقه في ميادين «أكبر» من مجرد رياضة.
منذ أقل من عشر سنوات بقليل وليونيل ميسي يتقدم «كتيبة» فريق برشلونة لكرة القدم التي «غزت» العالم، ويثبت يوماً بعد يوم بأن تلك المدينة «الثورجية» تدين بالكثير الى من وُلد «أساساً» في مدينة روزاريو الأرجنتينية.
بيد أن «البرغوث» – وهو لقب ميسي – يدين أيضاً لتلك المدينة التي احتضنته طفلاً يافعاً يعاني من نقص هرمون النمو، ليتحول بعدها، ربما، إلى أفضل لاعب كرة قدم في التاريخ.
مرّ على برشلونة كثير من النجوم. كان مرورَ كرامٍ بالنسبة الى العديد منهم لأن ميسي مثّل «القوة المركزية» و«الدينامو» والملهم والرجل الأول. كان اللاعب الحاسم والسبب المباشر لولوج النادي الكاتالوني مراراً وتكراراً النقطة الأعلى من منصات التتويج، محلية كانت، قارية أو عالمية.
لم يختلف هذا الموسم، في سوق انتقالاته، عن سابقيه بالنسبة الى برشلونة، إذ بقي ميسي «المحور» الذي يجدر بناء الفريق حوله.
رحل البرازيلي نيمار دا سيلفا بموجب صفقة تاريخية الى باريس سان جرمان «القطري» مقابل 222 مليون يورو، ففقد الفريق ضلعاً من منظومة «إم إس إن» (ميسي – الاوروغوياني لويس سواريز – نيمار)، وبدأت رحلة البحث عن بديل.
تم التعاقد مع الفرنسي عثمان ديمبيلي من بوروسيا دورتموند الالماني مقابل 105 ملايين يورو، بيد أن الهدف المركزي بقي البرازيلي الصاعد كالصاروخ لاعب ليفربول الانكليزي، كوتينيو.
فشل برشلونة في الحصول على لاعب «السامبا» كاشفاً بأن ليفربول اشترط الحصول على 200 مليون يورو مقابل التنازل عنه، وأُقفل باب الانتقالات وسط سخط كبير من جماهير النادي الكاتالوني.
أمام هذا المشهد «الضبابي»، كانت إدارة برشلونة تعلم، تمام العلم، بأن عليها «استنزاف ميسي»، وفي الوقت عينه الاستفادة من الـ 222 مليوناً التي أثْرَت خزينته من صفقة نيمار.
يحاول النادي الكاتالوني فرض «التوازن» على حساب ميسي، القادر في أرض الملعب، على تعويض فشل صفقة كوتينيو «وألف كوتينيو» لعلمها بأن كل الطرق إنما تؤدي إلى ذاك «الرجل» الذي قدم يافعاً من روزاريو وبات يمثل اليوم، أمام أي فشل في ضم هذا اللاعب أو ذاك، «كبش خلاص»… لا غنى عنه.