الجمعة , 31 مارس 2023

الكويت لن تستفيد من تحويلات الوافدين.. بل ستخسر إنسانياً واقتصادياً

الكويت لن تستفيد من تحويلات الوافدين.. بل ستخسر إنسانياً واقتصادياً

ذكر تقرير الشال الاقتصادي أن عدد سكان الكويت بلغ نهاية عام 2017 نحو 4.5 ملايين نسمة، وبلغ عدد العاملين ضمنهم نحو 2.71 مليون نسمة، 85% منهم أو نحو 2.3 مليون نسمة منهم هو حجم العمالة الوافدة، وفقا لآخر تقرير صادر عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية.

وذلك هو الرقم المستهدف لفرض رسوم على تحويلاتهم البالغة نحو 4 مليارات دينار سنويا وفقا لمنطوق مشروع القانون الذي أقرته لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة.

وقدر التقرير الحجم المحتمل لأموال الرسوم بأن تتراوح بين 40 مليون دينار في حدها الأدنى، و120 مليون دينار في حدها الأعلى، وأقرب للحد الأدنى من واقع اجتهادنا لتصنيف فئات تلك العمالة.

وقال التقرير ان العمالة الوافدة في الكويت تنقسم إلى 3 فئات متساوية تقريبا، الفئة الأولى وعددها بحدود 700 ألف عامل، هي العمالة المنزلية، ومعظمها يتقاضى راتبا متدنيا يقع في فئة من يخضع لرسوم بين 1% و 2%، وفرضها سيحدث نزاعا على من يدفعها، أي العامل أو الكفيل، وفرض رسوم على تحويلاتها مهما كانت، سيسبب المزيد من الضرر للسمعة، خصوصا أن معظمها يعمل ساعات عمل غير محددة، وبعضها يعامل معاملة غير إنسانية، وتتأخر مدفوعاته.

الفئة الثانية تنقسم إلى قسمين، القسم الأول الغالب، عمالة غير ماهرة ولكنها ضرورية، من أمثلتها عمال النظافة في الشوارع والمؤسسات العامة والخاصة وبائعو التجزئة ومن في حكمهم، ومعظمها فئة ستخضع تحويلاتها لرسوم تتراوح بين 1 و3%، وهي فئة لا تحتمل اقتطاع رسوم على تحويلاتها، وأي اقتطاع سيكون على حساب أهم ضروراتها ما لم تحمل مباشرة على الكفيل.

وقسم آخر أقل عددا، وهو قسم العمالة السائبة التي خسرت مدخرات عائلتها ودفعتها إلى كفيل جشع متاجر بالبشر.

والفئة الثالثة هي فئة العمالة الماهرة، المتوسطة والعالية، وهي تتراوح بين فني كهرباء وتبريد وبناء ونجارة وحدادة، وتنتهي بالطبيب والمهندس والمدرس وأستاذ الجامعة وخبراء المال والقانون وغيرهم.

وهذه الفئة موقفها التفاوضي قوي، وقادرة في الغالب على تحويل تلك الزيادة إلى زيادة أسعار أو زيادة أجور، وقد تخسر الكويت أفضلها إذا أخل التمييز بمستواها المعيشي بكل ما يعنيه ذلك من تحفيز للتضخم أو خفض مستوى المهارات المتوافرة.

وفي خلاصة، لن تستفيد الكويت ماليا بينما قد تخسر الكثير إنسانيا واقتصاديا إذا نفذ هذا المشروع، ففي الجانب المالي، سيراوح ما يمكن تحصيله، ومن دون احتساب تكاليف الرسوم، بين 0.1% و0.3% – أجزاء من الواحد بالمئة- فقط من حجم النفقات العامة البالغة 21.5 مليار دينار للسنة المالية 2018/2019.

وستخسر اقتصاديا، لاحتمال تردي نوعية تركيبتها السكانية نتيجة احتمال هجرة أفضل ما فيها من عمالة ماهرة، إذا أضفنا إلى رسوم التحويلات، ذلك التمييز ضدها بالرسوم على الخدمات الصحية وأسعار الماء والكهرباء.

مؤشرات قياس الأداء تسير عكس متطلبات الإصلاح

قال تقرير الشال الاقتصادي إن أحد أخطر أمراض الإدارة العامة، هو استهلاكها لأفضل ما في الكويت من قدرات بشرية، وفي وقت قياسي، فمع آخر تشكيل وزاري وهو السابع في 6 سنوات وفي كل التشكيلات التي سبقته، ترك الوزارة وزراء يعول عليهم في إصلاح قطاعاتهم على أقل تقدير.

وبالأمس، تم تشكيل رابع مجلس إدارة للخطوط الجوية الكويتية في 5 سنوات بعد إقالة أو استقالة من سبقهم، وفي المجالس الأربعة أيضا كفاءات بعضها عينت في غير مجال اختصاصها لمبررات لا أحد يفهمها.

وبالأمس القريب، استقال الرئيس التنفيذي لمشروع رؤية «كويت جديدة» بعد شهر من تعيينه، وتبعه قبل أسبوعين استقالة رئيس وحدة التحريات المالية الكويتية المسؤولة عن متابعة عمليات غسيل الأموال بعد أقل من شهر واحد من تعيينه.

وشحة القدرات البشرية في الإدارة العامة، وتزامنها مع استشراء حملة المؤهلات العلمية المزيفة، هي السبب الرئيسي في سير مؤشرات القياس عكس متطلبات الإصلاح.

والخطوط الجوية الكويتية مثال لإهدار الطاقات البشرية، فهي لن تنجح سوى في حالتين فقط، الحالة الأولى، هي الجزم والمضي في عملية تخصيصها خلال فترة زمنية قاطعة، وذلك يتطلب قرارا حكوميا وليس على مستوى مجلس إدارتها.

والحالة الثانية، هي اعتبارها جزءا مكملا في مشروع دولة على غرار الإماراتية – دبي – أو القطرية أو الاتحاد – أبوظبي، فتلك المطارات تعمل على تعزيز تنافسيتها كمركز مرور لكل العالم، ومركز للسياحة التجارية، ومتطلبات مثل هذا التحول غائبة في الكويت، شاملا هيكل إدارة طيرانها المدني ومطارها وتساهلها مع القادمين إليها.

والقياس صحيح لكل مؤسسات الدولة الأخرى، كلها طاردة، لأن المطلوب منها على الورق، يناقض ما تريده الحكومة على أرض الواقع، لذلك تحولت المؤسسات العامة إلى مراكز استهلاك للقدرات الإدارية الشحيحة في الأصل، ومعها تحولت إلى مؤسسات معظمها فاسدة وضعيفة الإنتاجية وطاردة لأفضل ما فيها من بشر.

«صندوق النقد» غير متفائل بمعدلات نمو المنطقة

تطرق «الشال» إلى تقرير صندوق النقد الدولي الصادر الأسبوع الفائت حول أداء الاقتصاد العالمي لعامي 2018 و2019، حيث استمر التقرير في نغمة التفاؤل، وقدر نمو الاقتصاد العالمي بنحو 3.9% لكل من العام الحالي والعام المقبل.

وجاء الدعم لقوة الأداء من كل الاقتصادات الرئيسية المتقدمة والناشئة، وبهامش تغيير موجب وكبير لمعظمها عن توقعات تقرير أكتوبر 2017، وإن كان الصندوق لا زال يعتقد بأن مخاطر استمرار النمو القوي لأطول من الزمن القصير، كبيرة.

وبالنسبة إلى منطقتنا، لا يبدو تقرير الصندوق متفائلا حول معدلات نموها، هي، وكل الدول المصدرة للسلع الأولية، فرغم الارتفاع المريح في أسعار تلك المواد، والنفط أهمهما، إلا أن المطلوب من تلك الاقتصادات عمل تحولات جوهرية في سياساتها الاقتصادية لتنويع مصادر دخلها.

ولو أخذنا توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي مثالا لتلك الدول، يعتقد التقرير بأن معدل نموها سيظل من أدنى اقتصادات العالم مستوى، فبعد تحقيق نمو سالب بحدود -0.7% في عام 2017، يتوقع لها أن تحقق نموا بنحو 1.7% في عام 2018 ونحو 1.9% في عام 2019، رغم للسعودية مشروع تحول ضخم.

التقرير يتوقع لمنطقة العملة الموحدة – اليورو – أن تحقق نموا في عام 2018 بنحو 2.4% ارتفاعا بنحو 0.5% عن توقعات تقرير أكتوبر لها البالغة نحو 1.9%، وتلك أخبار طيبة، فقد كان هناك من يراهن على انهيار وحدتها بسبب مشكلاتها الاقتصادية.

ورفع التقرير تقديراته لنمو الاقتصاد الأميركي بنحو 0.6%، أو إلى نحو 2.9%، بعد أن كانت تقديرات تقرير أكتوبر نحو 2.3% وبعض الدعم سيأتي من التساهل في مستحقات الضرائب ومن توسع السياسة المالية.

كل تلك التوقعات المتفائلة لا تنسحب سوى على المدى القصير، واستدامتها قد تتطلب- وفقا للتقرير- سياسات مختلفة لاحتواء مخاطرها، والمخاطر وفقا للتقرير متنوعة.

التهديد الأول يأتي من ارتفاع شديد في مديونية القطاعين العام والخاص بتلك الدول، واستمرارها بهذا المستوى يهدد احتمالات سدادها، خصوصا بعد عودة السياسة النقدية لتبني مستويات فوائد طبيعية بدلا من الصفرية، أي ارتفاع تكلفة تلك القروض.

وهناك تهديد محتمل من ذلك الارتفاع الكبير في أسعار الأصول بعد فترة طويلة من تبني سياسات نقدية توسعية، وهو خطر شبيه بالمخاطر التي واجهها العالم قبل أزمة 2008.

وهناك الأحداث الجيوسياسية، عنف في أماكن مختلفة من العالم، وعنف سياسي أحد أمثلته ومخاطره مؤشرات حروب تجارية محتملة بعد فرض رسوم على واردات الولايات المتحدة الأميركية من الصلب والألمنيوم ونية شركائها التجاريين بمعاملة مماثلة.

شاهد أيضاً

خالد العدواني

تكنولوجيا و انترنت : خالد العدواني : “البيتكوين” أفضل عملة للإستثمار

أفضل عملة للإستثمار،وكيف تضاعف سعرها أكثر من ثلاثة مرات في 6 أشهر البيتكوين البيتكوين هي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *